كيف ترتاح نفسياً من الإرهاق الأبوي: دليل عملي للأمهات والآباء المتعبين

Omar Adel

هل تتساءل "كيف ارتاح نفسياً" وأنت تتنقل بين مسؤوليات الأبوة اليومية التي لا تنتهي؟ أنت لست وحدك - فالإحصاءات تشير إلى أن أكثر من 60% من الآباء والأمهات يعانون من درجة معينة من الإرهاق النفسي المرتبط بتربية الأطفال.

عندما تستيقظ كل صباح وتشعر بالتعب قبل حتى أن يبدأ يومك، فهذه ليست مجرد علامة على قلة النوم، بل قد تكون مؤشراً على الإرهاق الأبوي العميق. هذه الحالة ليست ضعفاً، لكنها نتيجة طبيعية للعطاء المستمر دون توقف. في الواقع، الاعتناء بصحتك النفسية ليس رفاهية، بل ضرورة تؤثر مباشرة على قدرتك على رعاية أطفالك بفعالية.

سنستكشف في هذا الدليل العملي الفرق بين التعب العادي والإرهاق المزمن، ونتعرف على العلامات التحذيرية التي تستدعي الانتباه، ونقدم استراتيجيات فعالة يمكنك تطبيقها للتعافي واستعادة توازنك النفسي. بالإضافة إلى ذلك، سنناقش كيفية بناء نظام دعم قوي يساعدك على الاستمرار دون الوصول مجدداً إلى نقطة الاحتراق النفسي.

فهم الإرهاق الأبوي: ما الذي يحدث فعلاً؟

في عام 2015، ظهر مفهوم "الإرهاق الأبوي" على يد المتخصصتين في علم النفس إيزابيل روسكام ومويرا ميكولاجزاك، وانتشر بسرعة لأنه لامس واقعاً يعيشه الكثير من الآباء حول العالم. يُعرّف هذا المفهوم بأنه حالة من الإرهاق المزمن المرتبطة بدور الأبوة والأمومة، وينشأ دائماً من عدم التوازن بين ما نتمناه وما هو متاح فعلياً.

ما الفرق بين التعب الطبيعي والإرهاق المزمن؟

يختلف التعب الطبيعي عن الإرهاق الأبوي المزمن بشكل جوهري. فالتعب العادي مؤقت وله سبب واضح كالعمل لساعات طويلة أو السهر أو بذل مجهود كبير، ويزول بعد الحصول على قسط كافٍ من الراحة أو النوم. أما الإرهاق المزمن فهو حالة تستمر دون تحسن رغم الراحة.

يمكننا تقسيم الإرهاق إلى ثلاث فئات واضحة:

  • الإرهاق الحديث: يستمر لأقل من شهر واحد

  • الإرهاق المطول: يستمر من شهر إلى ستة أشهر

  • الإرهاق المزمن: يستمر لفترة تزيد عن ستة أشهر

وفقاً للخبراء، يشعر الوالد المصاب بالإرهاق الأبوي بالتعب المستمر حتى بعد الاستيقاظ، بمجرد إدراكه لعدد الواجبات التي عليه إنجازها، كإعداد وجبات الطعام للأطفال والغسيل والتنظيف. قد يشعر بالتعب والإحباط المزمن، ويعاني من الصداع وقلة الشهية والمرض المتكرر. كذلك، قد يشعر بعدم القدرة على تلبية احتياجات أطفاله، بصرف النظر عن مقدار الجهد المبذول.

من أكثر العلامات المقلقة شيوعاً للإرهاق الأبوي هو الشعور بعدم المعنى في رعاية الطفل والشعور بعدم الكفاية كمقدم رعاية. قد لا يلاحظ الوالد المرهق أن وقته وجهده المرتبطين بالطفل سيكون لهما تأثير إيجابي على نمو الطفل.

كيف يؤثر الإرهاق على علاقتك بأطفالك؟

يؤثر الإرهاق الأبوي بشكل مباشر وخطير على العلاقة مع الأطفال. إذ ينأى الوالد المنهك بنفسه عاطفياً عن طفله، ولا يستطيع إقامة علاقة عاطفية وثيقة معه. كما يؤدي إلى انخفاض قدرة الآباء والأمهات على التواصل الإيجابي مع أطفالهم وزيادة انفعالاتهم وقوة غضبهم.

في الحالات الشديدة، يمكن أن يؤدي الإرهاق الأبوي إلى إهمال الطفل وسوء معاملته. بالإضافة إلى ذلك، أشارت الدراسات إلى أن الأطفال الذين ينشؤون في بيئة مصابة بالإرهاق الأبوي سيكونون "أكثر تركيزاً على ذاتهم وأكثر تطلباً وأقل ميلاً إلى الامتثال لرغبات والديهم"، أو بعبارة أخرى، أطفالاً عنيدين للغاية.

كما كشفت إحدى الدراسات الأمريكية أن الأيام التي يشعر فيها الآباء بالضغط العصبي أو الإرهاق تقل فيها احتمالات إعداد وجبات صحية لأطفالهم، ويزداد احتمال ضغطهم على الأطفال لتناول الطعام بنسبة 45% مع كل وحدة زيادة في معدلات الضغط العصبي.

فضلاً عن ذلك، ينعكس الإرهاق الأبوي على سلوكيات الوالدين عندما يشعرون بالإرهاق والإجهاد الجسدي والعاطفي، مما يؤدي إلى تراجع الأداء اليومي والإحساس بالعجز عن التعامل مع مسؤوليات الأبوة بشكل طبيعي. علاوة على ذلك، يصبح الوالد المرهق أقل صبراً وقدرة على التسامح مع أطفاله، وقد يشعر بالذنب لاعتقاده بأنه قصّر في تربية أبنائه.

لكي ارتاح نفسياً من هذا الإرهاق، علي أولاً أن أدرك أن هذه المشاعر ليست علامة على فشلي كوالد، بل هي نتيجة طبيعية للضغوط المتراكمة والتوقعات العالية المفروضة على الآباء والأمهات في العصر الحديث.

علامات التحذير: كيف تعرف أنك مرهق نفسياً؟

معرفة علامات الإرهاق الأبوي يعتبر الخطوة الأولى للإجابة على سؤال "كيف ارتاح نفسياً؟". فالتشخيص المبكر لهذه الحالة يمكنك من التدخل قبل أن تتفاقم المشكلة. إن الإرهاق النفسي لا يأتي دفعة واحدة، بل يتراكم تدريجياً حتى يصل إلى مرحلة الإنهاك الكامل.

تغيرات المزاج والسلوك

تظهر على الوالد المرهق نفسياً مجموعة من التغيرات المزاجية والسلوكية التي يمكن ملاحظتها. فقد تعاني من المزاج العصبي أو المتهيج حتى مع الأمور البسيطة، وتجد نفسك تفقد صبرك بسرعة مع أطفالك. ومن ناحية أخرى، قد تلاحظ نوبات من الغضب المفاجئ دون سبب واضح أو متناسب مع الموقف.

تشمل العلامات التحذيرية الأخرى:

  • تغيرات في أنماط النوم: قد تعاني من الأرق أو على العكس تجد نفسك تنام أكثر من المعتاد دون الشعور بالراحة

  • تراجع الطاقة: الشعور بالتعب المستمر حتى بعد الاستيقاظ من النوم

  • صعوبة في التركيز: عدم القدرة على اتخاذ قرارات بسيطة أو نسيان الأمور المعتادة

  • أعراض جسدية: كثرة الشكوى من آلام الجسم والصداع دون سبب واضح، وقد تزداد احتمالية الإصابة بالأمراض بشكل متكرر

علاوة على ذلك، قد تلاحظ تغيرات في شهيتك للطعام، سواء بفقدان الشهية والوزن، أو العكس بزيادة الرغبة في تناول الطعام وزيادة الوزن. هذه التغيرات غالباً ما تكون مصحوبة بشعور مستمر بأن الحياة قاتمة وكئيبة، والذي يمكن أن يتطور إلى أفكار سلبية متكررة.

الشعور بالذنب أو عدم الكفاءة

من العلامات البارزة للإرهاق الأبوي الشعور المستمر بالذنب وعدم الكفاءة كوالد. قد تشعر أنك لا تقوم بما يكفي لأطفالك مهما بذلت من جهد، وتبالغ في لوم نفسك على أخطاء بسيطة. بالإضافة إلى ذلك، قد تركز على إخفاقاتك الماضية وتتجاهل نجاحاتك في التربية.

يُعرف "ذنب الأمومة أو الأبوة" بأنه مشاعر الذنب والعار التي يشعر بها الوالدان عندما لا يرقيان إلى مستوى التوقعات الشخصية أو توقعات المجتمع منهما. هذا الشعور منتشر بين الأمهات والآباء من مختلف أنحاء العالم، متجاوزاً الثقافات والحدود الجغرافية.

عندما تجد نفسك تفكر بعبارات مثل "أنا أب/أم سيئة" أو "أطفالي يستحقون أفضل مني"، فهذه إشارة واضحة إلى أنك قد تكون تعاني من الإرهاق النفسي. وقد يؤدي هذا الشعور بالذنب إلى حلقة مفرغة: تشعر بالتقصير، فتبذل جهداً أكبر، مما يزيد من إرهاقك، فتشعر بمزيد من التقصير وهكذا.

الانسحاب العاطفي من الأسرة

يعتبر الانسحاب العاطفي من أخطر علامات الإرهاق الأبوي، وأكثرها تأثيراً على الأطفال. فمع تزايد الإرهاق، قد تبدأ في فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كنت تستمتع بها مع عائلتك، وتجد نفسك تتجنب التفاعل العاطفي معهم.

قد تشعر بالانفصال عن أطفالك، وكأنك تؤدي مهام الرعاية بشكل آلي دون ارتباط عاطفي حقيقي. وفي الحالات الشديدة، قد تبدأ في تخيل الهروب من دورك كأب أو أم، أو حتى الشعور بالندم على هذا الدور.

من المؤشرات الأخرى للانسحاب العاطفي:

  • تراجع الشعور بالتعاطف تجاه أفراد الأسرة

  • الإحساس بالغربة في المواقف العائلية

  • العزلة الاجتماعية وتجنب التواصل مع أفراد الأسرة

  • صعوبة في التعبير عن المشاعر الإيجابية تجاه الأطفال

تشير الدراسات إلى أن الانسحاب العاطفي للوالدين يمكن أن يؤثر سلبياً على الأطفال، إذ قد يشعر الأطفال بأنهم مهملون أو غير مرغوب فيهم. ففي ظل انخفاض مستويات الطاقة والصبر لدى الوالدين، تتأثر جودة التفاعل مع الأطفال بشكل كبير.

لكي ارتاح نفسياً من الإرهاق الأبوي، يجب أولاً الاعتراف بوجود المشكلة من خلال الانتباه لهذه العلامات. فالخطوة الأولى نحو التعافي تبدأ بالوعي والإدراك، ثم البحث عن طرق فعالة للتعامل مع هذه الحالة واستعادة التوازن النفسي والعاطفي.

أسباب الإرهاق الأبوي المتراكم

تكشف الدراسات أن حوالي 62% من الآباء والأمهات يشعرون بالإرهاق بسبب مسؤولياتهم تجاه الأولاد. هذه النسبة المرتفعة تدفعنا للتساؤل: ما هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذه الظاهرة؟ فهم هذه الأسباب يشكل خطوة أساسية للإجابة على سؤال "كيف ارتاح نفسياً" من ضغوط التربية.

ضغط التوقعات العالية من النفس

يؤكد الدكتور توماس كوران، الأستاذ المساعد للعلوم النفسية والسلوكية بكلية لندن للاقتصاد، أن ما يُعرف بـ"الشخصية المثالية" هي أحد الاضطرابات النفسية التي تظهر في رغبة الوالدين الشديدة وسعيهم الدائم للخلو من الأخطاء والعيوب في تربية أطفالهم.

تترافق هذه الرغبة مع تقييم ونقد الذات المستمر، مما يؤدي إلى الاكتئاب والقلق، وقد يصل الأمر في مراحل متقدمة إلى الميول نحو الانتحار. نتيجة لذلك، يسعى العديد من الآباء إلى أن يكونوا مثاليين في تربية أطفالهم، مما يضعهم تحت ضغط دائم. الخوف من ارتكاب الأخطاء أو الشعور بعدم الكفاءة يزيد من الإرهاق النفسي.

وبشكل عام، تتمثل المشكلة في أن وضع توقعات تفوق قدرات الأبناء يؤدي إلى الفشل والإحباط وفقدان الدافعية. يستوعب الأبناء توقعات الآباء ويعتمدون عليها في تقدير ذواتهم، وعندما يفشلون في تلبية هذه التوقعات يواجهون الكثير من الانتقادات ويلومون أنفسهم، وتتشكل بداخلهم شكوك ذاتية حول قدراتهم ومستوى ذكائهم.

قلة النوم والدعم

أحد الأسباب الرئيسية للإرهاق الأبوي هو السهر لرعاية الأطفال أو التعامل مع نومهم المتقطع، مما يؤثر على جودة نوم الوالدين. تشير الدراسات إلى أن قلة النوم تؤدي إلى ضعف التركيز وزيادة التوتر مع الوقت، لتصبح سبباً رئيسياً للإرهاق.

كثيراً ما يواجه الآباء والأمهات قلة في النوم، خاصة في مراحل الطفولة المبكرة عندما يحتاج الأطفال إلى رعاية مستمرة في الليل. ومع زيادة الأعباء والضغوط وتراكم المسؤوليات تزيد مشكلة قلة النوم، الأمر الذي يزيد من احتمالية الشعور بالإرهاق الأبوي، خاصة بعد تدهور الحالة الجسدية والنفسية المترتبة على التفكير الزائد.

علاوة على ذلك، يلعب الدعم الاجتماعي والأسري دوراً كبيراً في تخفيف العبء عن الآباء. في بعض الحالات، يعاني الآباء من نقص هذا الدعم، سواء لعدم انخراطهم بشكل عميق مع العائلة، أو لعدم توافر شبكة دعم قوية من الأصدقاء والعلاقات الاجتماعية. وبالتالي، فإن التعامل مع كل المهام بمفردهم يزيد من الشعور بالوحدة والإرهاق.

الروتين اليومي المرهق

تتراكم المهام والمسؤوليات اليومية على الوالدين دون توفير وقت كافٍ للراحة. يؤدي التوازن المستمر بين العمل والمنزل ورعاية الأطفال إلى الشعور بالإجهاد. وفقاً للدراسات، يشعر الكثير من الآباء بالضغوط الناتجة عن تنظيم الوقت بين العمل والعناية بالأطفال وإدارة الحياة المنزلية، إذ يصبح الوقت المتاح للراحة أو الاسترخاء محدوداً جداً مع الجدول المزدحم، مما يزيد من احتمالية الإرهاق.

ومن أبرز مسببات الإرهاق في الروتين اليومي:

  • تسجيل الأطفال في العديد من الأنشطة ومحاولة تحقيق توازن مفرط بين العمل والحياة الأسرية

  • انشغال الوالدين بتلبية احتياجات الأطفال لدرجة نسيان أنفسهم

  • عدم ممارسة الرياضة أو تناول الطعام الصحي أو أخذ استراحات قصيرة

  • الضغوط المالية التي تؤثر بشكل كبير على الحالة النفسية للوالدين، خاصة عند السعي لتوفير احتياجات الأسرة في مواجهة التكاليف المتزايدة

بناءً على ما سبق، نستنتج أن الإرهاق الأبوي ليس حالة عرضية، بل نتيجة متوقعة للضغوط المتراكمة التي تشمل التوقعات المرتفعة، والحرمان من النوم، وضعف شبكات الدعم، والروتين اليومي المضني. ولكي ارتاح نفسياً من هذا الإرهاق، يجب أن أدرك أولاً هذه الأسباب وأتعامل معها بواقعية، دون أن أفرض على نفسي معايير مثالية لا يمكن تحقيقها.

استراتيجيات فعالة للتعامل مع الإرهاق

بعد تحديد أسباب الإرهاق الأبوي وفهم تأثيراته، يأتي دور التساؤل الأهم: "كيف ارتاح نفسياً؟" توجد استراتيجيات عملية أثبتت فعاليتها في مساعدة الآباء والأمهات على التعامل مع الإرهاق واستعادة توازنهم النفسي.

ممارسة تمارين التنفس والاسترخاء

تؤثر طريقة تنفسك على جسدك بأكمله، فعندما تشعر بالإجهاد النفسي، يصبح جسدك مشدوداً ويتسارع تنفسك. يمكن استخدام تقنيات التنفس لمساعدتك في تهدئة نفسك، حيث يكون مفيداً جداً تخصيص دقيقتين أو ثلاث في التنفس بعمق مرتين يومياً.

أحد تمارين التنفس الفعالة هي تقنية (4-7-8): أخذ شهيق من الأنف لمدة 4 ثوانٍ، حبس النفس لمدة 7 ثوانٍ، ثم زفير بطيء من الفم لمدة 8 ثوانٍ. كرر هذه العملية 4 مرات. فضلاً عن ذلك، يمكنك ممارسة تمرين الارتخاء العضلي التدريجي، من خلال شد مجموعة عضلية واحدة ثم إرخائها، والانتقال تدريجياً إلى باقي مجموعات العضلات.

تخصيص وقت للرعاية الذاتية

تعتبر الرعاية الذاتية ضرورة وليست رفاهية. تقول سونالي، إحدى المتخصصات في مجال الصحة النفسية: "إن الوقت الذي أكرسه لنفسي هو ما أدعوه 'طقوس التوقّف لبرهة' الخاصة بي — توقّفٌ واعٍ خلال اليوم تتبعه طقوس تبعث الراحة في النفس".

الرعاية الذاتية تتطلب تخصيص وقت محدد يومياً، مثل ساعة ثابتة ضمن برنامجك. ومن المهم أيضاً:

  • الحصول على نوم كافٍ (7-8 ساعات)

  • تناول طعام صحي غني بالسيروتونين (هرمون السعادة)

  • ممارسة النشاط البدني المنتظم

  • التقليل من استخدام الهاتف والشاشات

تقليل الالتزامات غير الضرورية

يبدأ التخفيف من الإرهاق بالتساؤل: "هل أحتاج هذا حقاً؟" قبل الالتزام بأي نشاط. علاوة على ذلك، قم بمراجعة التزاماتك الحالية وتصنيفها حسب أهميتها، ثم تخلص تدريجياً من الأنشطة غير الضرورية.

يمكنك البدء بكتابة قائمة بالمستلزمات والأشياء الضرورية فقط، وهذا لا يمنع فقط نسيان ما تحتاجه، بل يمنع أيضاً شراء الأمور غير اللازمة والتي قد تجذبك أثناء التسوق. بناءً على ذلك، ستتمكن من تبسيط حياتك وتوفير الوقت والطاقة للأمور الأكثر أهمية.

طلب المساعدة من الشريك أو العائلة

لا يعني طلب المساعدة الفشل في أداء دورك الأبوي، بل هو خطوة ضرورية للحفاظ على التوازن العاطفي والجسدي. أولاً، تواصل مع شريكك واطلب الدعم عند الحاجة، وحضّر قائمة بالمهام التي يمكن للآخرين مساعدتك فيها.

ثانياً، يمكنك تقسيم المهام اليومية بين أفراد الأسرة، أو حتى إشراك الأطفال في بعض المسؤوليات المناسبة لأعمارهم. قد تكون مجموعات الدعم أيضاً مصدراً مهماً، فأعضاؤها يفهمون ما تواجهه ويمكنهم مساندتك ومساعدتك في حل المشكلات.

في نهاية المطاف، تذكر أن التعامل مع الإرهاق الأبوي ليس أمراً مستحيلاً، ولكنه يتطلب وعياً ذاتياً وتخطيطاً جيداً للتغلب على التحديات بشكل صحي.

إعادة بناء التوازن النفسي والعائلي

استعادة التوازن النفسي بعد فترة من الإرهاق ليست مجرد هدف، بل رحلة مستمرة تتطلب خطوات عملية متكاملة. فبعد فهم أسباب الإرهاق وتأثيراته، نحتاج إلى إعادة بناء العلاقات وأنماط الحياة اليومية بطريقة تحمي صحتنا النفسية وتعزز الروابط الأسرية.

اللعب مع الأطفال كوسيلة للراحة

يُعد انهماك الوالدين في اللعب مع أطفالهم طريقة مثبتة لتخفيف الإجهاد النفسي. فعندما تستمتع بلحظات مرحة مع أطفالك وتضحك معهم، يطلق جسمك هرمون الإندورفين الذي يعزز الشعور بالعافية. حتى الفترات القصيرة من اللعب تذكر الوالدين بقدرتهم على دعم أطفالهم وتوفر إلهاءً مرحاً عن المشاغل اليومية.

اللعب ليس فقط وسيلة للترفيه، بل هو أداة أساسية لتنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية والمعرفية. فهو يساعد الأطفال على التخلص من ضغوط الحياة اليومية، ويعزز التواصل والتعاطف بينهم وبين الوالدين.

التواصل الصادق مع الشريك

التواصل الفعال مع الشريك يعزز التفاهم والترابط، وهو أساسي لإعادة بناء التوازن النفسي. عندما يتمكن الزوجان من التعبير عن مشاعرهما واحتياجاتهما بوضوح وصدق، يساهم ذلك في تقوية العلاقة وتخفيف الضغوط.

من الضروري تخصيص وقت يومي للحوار مع الشريك، بعيداً عن المشتتات كالهواتف والأجهزة الإلكترونية. هذا الوقت الخاص يساعد على تجديد العلاقة وتعزيز الروابط، ويتيح فرصة لمناقشة التحديات ومشاركة المسؤوليات.

وضع روتين يومي مرن

يساعد الروتين اليومي المرن على توفير بيئة مستقرة ومليئة بالإنتاجية داخل الأسرة. فهو يقلل التوتر ويعزز الشعور بالاستقرار، خاصة للأطفال الذين يحتاجون إلى التوجيه والانتظام.

ومع ذلك، من المهم أن يكون الجدول مرناً يسمح بالتغييرات عند الحاجة. لا تجري الأمور دائماً كما هو مخطط مع وجود الأطفال، لذا يجب الاستعداد للطوارئ مثل المرض أو تقلبات النوم التي قد تقلب روتين الأسرة.

طلب الدعم المهني عند الحاجة

لا تتردد في السعي للحصول على مساعدة من أخصائي مهني إذا كنت تجد صعوبة في التعامل مع مشاكلك. فكّر في الالتقاء بخبير مدرَّب يمكنه المساعدة. بوسع طبيب أسرتك أو مستشارها الصحي أن يقدم لك النصح بشأن الخيارات المتوفرة، مثل مراجعة طبيب نفسي يساعدك في إدارة الإجهاد وإرساء عادات إيجابية للصحة العقلية.

يجب على الآباء الذين يعانون من الاكتئاب لمدة تزيد عن أسبوعين طلب المساعدة المهنية. يمكن أن يحسن العلاج الأداء الشخصي ومهارات الأبوة ونتائج الطفل، وهو ضروري للعودة إلى المسار الصحيح.

الخاتمة

أخيراً، يجب أن ندرك أن الإرهاق الأبوي ليس علامة ضعف، بل نتيجة طبيعية للتحديات المستمرة التي تواجه الآباء والأمهات في عالمنا اليوم. الاعتراف بهذه المشكلة يعد الخطوة الأولى والأهم نحو التعافي واستعادة التوازن النفسي. بالتأكيد، لا يمكننا أن نكون آباء مثاليين طوال الوقت، وهذا أمر مقبول تماماً.

بالإضافة إلى ذلك، تذكر دائماً أن رعاية نفسك ليست أنانية، بل ضرورة أساسية للحفاظ على قدرتك على رعاية أطفالك بشكل فعال. عندما تمنح نفسك الوقت والمساحة للراحة والتجدد، ستكون أكثر صبراً وحضوراً مع عائلتك.

مما لا شك فيه أن تطبيق الاستراتيجيات المذكورة - من ممارسة تمارين التنفس وتخصيص وقت للرعاية الذاتية إلى تقليل الالتزامات غير الضرورية وطلب المساعدة - سيساهم بشكل كبير في تخفيف حدة الإرهاق الذي تشعر به. ومع ذلك، لا تتردد في طلب الدعم المهني إذا استمرت المشاعر السلبية لفترة طويلة.

علاوة على ذلك، حاول أن تنظر إلى علاقتك مع أطفالك من منظور مختلف. اللعب معهم ليس مجرد مسؤولية أخرى، بل فرصة لاكتشاف الفرح والمتعة التي غالباً ما تنسيها ضغوط الحياة اليومية.

رغم التحديات التي تواجهها، يمكنك بناء أسرة متوازنة عاطفياً ونفسياً من خلال الصبر والمثابرة والرعاية المتبادلة. تذكر دائماً أن رحلة الأبوة طويلة، وأن الاعتناء بنفسك هو جزء أساسي من الاعتناء بأسرتك. أخيراً، لا تنسَ أنك لست وحدك في هذه الرحلة - فالملايين من الآباء والأمهات حول العالم يواجهون التحديات نفسها ويسعون إلى تحقيق التوازن الذي تبحث عنه.

إرسال تعليق

يسعدنا ســماع رأيك ! شاركنا أفكارك وتعليقاتك حول الموضوع ، نحـــن هنا لنتبادل المعرفة معك .