كيف تتحدث عن الأمراض المزمنة مع العائلة: دليل عملي للمرضى

Omar Adel
أربعة أفراد من العائلة يجلسون متقاربين على أريكة، منخرطين في حديث جاد وداعم داخل غرفة معيشة مريحة.

هل سبق أن وجدت نفسك تتردد في مشاركة تفاصيل حالتك الصحية مع أقرب الناس إليك؟ ما هي الأمراض المزمنة وكيف تؤثر على العلاقات الأسرية هو سؤال يشغل بال الكثيرين ممن يعيشون مع هذه الحالات.

عندما تُشخص بمرض مزمن، لا تقتصر التحديات على الجانب الصحي فقط، بل تمتد لتشمل كيفية إخبار العائلة وشرح طبيعة المرض لهم. في الواقع، يجد حوالي 70% من المرضى صعوبة في فتح هذا الموضوع مع أفراد أسرتهم.

بالإضافة إلى ذلك، قد تختلف ردود فعل أفراد العائلة بشكل كبير - من الدعم الكامل إلى الإنكار أو حتى عدم الفهم. لذلك، فإن اختيار الكلمات المناسبة والتوقيت الصحيح أمر بالغ الأهمية.

في هذا المقال، سنقدم لك دليلاً عملياً حول كيفية التحدث عن مرضك المزمن مع عائلتك بطريقة واضحة ومؤثرة. سنتناول أفضل الأساليب لشرح حالتك الصحية، والتعامل مع ردود الفعل المختلفة، وبناء نظام دعم مستمر داخل الأسرة.

فهم طبيعة المرض المزمن وتأثيره على العائلة

للتواصل الفعال حول المرض المزمن، من الضروري أولاً فهم ماهيته وكيفية تأثيره ليس فقط على الشخص المصاب، بل أيضاً على محيطه العائلي بأكمله.

ما هو المرض المزمن؟

المرض المزمن هو حالة صحية تستمر لفترة طويلة، غالباً لثلاثة أشهر أو أكثر، وتتطلب رعاية طبية مستمرة ومتابعة منتظمة. تتميز هذه الأمراض بكونها لا تنتقل من شخص لآخر، وغالباً ما تكون بطيئة التطور.

على عكس الأمراض الحادة، فإن الأمراض المزمنة لا تختفي بشكل كامل في معظم الأحيان، لكن يمكن التعايش معها وإدارة أعراضها. وتشمل هذه الفئة من الأمراض حالات مثل:

  • السكري

  • ارتفاع ضغط الدم

  • أمراض القلب والأوعية الدموية

  • الربو وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة

  • بعض أنواع السرطان

  • التهاب المفاصل

  • أمراض الكلى المزمنة

تُعد الأمراض المزمنة مسؤولة عن 60% من جميع الوفيات حول العالم، حيث تحدث 80% من هذه الوفيات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. وعلى الرغم من خطورتها، يُمكن منع ما لا يقل عن 80% من أمراض القلب والسكتات الدماغية وداء السكري من النوع الثاني من خلال القضاء على عوامل الخطر الرئيسية.

كيف يؤثر على الحياة اليومية للمريض؟

يفرض المرض المزمن تحديات متعددة على الحياة اليومية للمريض، وتتجاوز هذه التحديات الأعراض الجسدية لتشمل:

أولاً، يواجه المريض أعباء جسدية مستمرة كالألم والتعب وصعوبة الحركة، بالإضافة إلى التأثير على بعض الوظائف اليومية مثل الكلام والمضغ والبلع في حالة المشاكل الفموية.

ثانياً، يُشكّل المرض عبئاً نفسياً وعاطفياً كبيراً، حيث قد يؤدي التعامل مع حالة مزمنة إلى مشاعر الإحباط والقلق والاكتئاب والشعور بالعزلة. إضافة إلى ذلك، فإن الخوف من المستقبل وعدم اليقين بشأن تطور المرض يُشكّل ضغطاً إضافياً على المريض.

ثالثاً، يتطلب المرض المزمن تعديلات كبيرة في نمط الحياة تشمل الالتزام بالعلاج واتباع نظام غذائي محدد وممارسة تمارين ملائمة. هذه التعديلات تُلزم المريض بتغيير روتينه اليومي وعاداته السابقة.

رابعاً، يُشكّل المرض المزمن عبئاً مالياً كبيراً بسبب تكاليف العلاج والأدوية والفحوصات المستمرة، خاصة إذا أدى المرض إلى عدم القدرة على العمل أو تقليل ساعات العمل.

تأثير المرض على أفراد العائلة

يمتد تأثير المرض المزمن ليشمل العائلة بأكملها، حيث:

يؤدي المرض إلى تغيير في أدوار ومسؤوليات أفراد الأسرة. قد يضطر الزوج/الزوجة أو الأبناء إلى تحمل مسؤوليات إضافية مثل تقديم الرعاية للمريض وإدارة شؤون المنزل.

كذلك، يضع المرض المزمن أعباء نفسية وانفعالية وبدنية كبيرة على كاهل أفراد العائلة، خاصة مقدمي الرعاية الذين يتعرضون لمستويات عالية من التوتر والقلق والاكتئاب و"إرهاق مقدم الرعاية".

قد يشعر الوالدان بـالذنب تجاه المرض، خصوصاً إذا كان وراثياً أو ناجماً عن مضاعفات أثناء الحمل. بالمقابل، قد يشعر الإخوة الأصحاء بالاستياء من الاهتمام الزائد الذي يحظى به المريض، ثم يشعرون بالذنب تجاه هذه المشاعر.

من ناحية أخرى، يؤثر المرض المزمن على العلاقات العائلية، حيث يمكن أن يقرب بين أفراد العائلة من خلال العمل معاً لمواجهة التحديات، أو يؤدي إلى توتر العلاقات بسبب ضغوط الرعاية. كما قد يصبح التواصل أكثر صعوبة، خاصة إذا كان هناك تجنب للحديث عن المرض أو المشاعر المرتبطة به.

أخيراً، يضع المرض المزمن عبئاً مالياً كبيراً على الأسرة بسبب تكاليف العلاج والأدوية، خاصة إذا اضطر أحد أفراد الأسرة لترك العمل لتقديم الرعاية، مما يؤدي إلى انخفاض دخل الأسرة.

التحضير للمحادثة: متى وكيف تبدأ؟

بعد فهم طبيعة المرض المزمن وتأثيره على الحياة اليومية، تأتي مرحلة مهمة وهي مشاركة هذه المعلومات مع العائلة. التحضير الجيد يضمن نجاح هذه المحادثات الصعبة ويخفف من وطأتها على جميع الأطراف.

اختيار الوقت والمكان المناسب

اختيار التوقيت المناسب يؤثر بشكل كبير على مدى تقبل العائلة للمعلومات وقدرتهم على استيعابها:

  • تجنب الأوقات المزدحمة: لا تبدأ الحوار عندما يكون الشخص الآخر مشغولاً أو مشتتاً، أو عندما يصل للتو إلى المنزل من العمل. يمكن أن تبدأ بسؤال بسيط: "هل هذا وقت مناسب للتحدث؟"

  • اختر مكاناً خاصاً: فضّل الحديث في مكان بعيد عن المتفرجين، خاصة الأطفال، لضمان الخصوصية والتركيز.

  • فكر في الأنشطة المشتركة: غالباً ما يكون إجراء محادثة مهمة أسهل أثناء ممارسة نشاط مشترك. يمكنك اقتراح نزهة قصيرة، أو طهي وجبة معاً، أو حتى مشاهدة التلفاز، مما يساعد على تخفيف التوتر المصاحب للحديث عن موضوعات حساسة.

  • استغل اللحظات العائلية: الوجبات العائلية تعتبر فرصة مثالية للتواصل، حيث أن تواجد أفراد العائلة حول مائدة الطعام يقوي العلاقات العائلية وينمي الإحساس بالدفء العائلي.

تهيئة الجو العاطفي للحوار

قبل البدء بالحديث عن المرض، من المهم تهيئة الأجواء العاطفية المناسبة:

  1. ابدأ بموضوعات عامة: قد تكون البداية بطرح الموضوع بشكل عام أفضل من الدخول مباشرة في التفاصيل. على سبيل المثال، اسألهم عما إذا كانوا قد شعروا قبل ذلك بالحزن أو القلق وكيف تعاملوا مع ذلك.

  2. اتبع قاعدة 80/20: تذكر أن تكون مستمعاً جيداً. استمع للطرف الآخر أربع مرات مقابل أن تتكلم مرة واحدة، خاصة مع الأخبار السلبية، مما يساعدك على ضبط أعصابك وتجنب ردود الفعل المتسرعة.

  3. جهز ما ستقوله مسبقاً: قد تشعر براحة أكبر عند كتابة أو تسجيل ما تريد قوله. فكر في النقاط الرئيسية التي تريد إيصالها وكيفية شرحها بشكل مبسط.

  4. أظهر اهتمامك بالعلاقة: ذكّر أفراد العائلة أن سبب إجراء هذه المحادثة هو أن العلاقة معهم مهمة، وأنك تريد في النهاية المضي قدماً بعلاقة أقوى وأكثر تفاهماً.

تحديد الهدف من الحديث

من الضروري تحديد ما الذي ترغب في تحقيقه من خلال هذه المحادثة:

  • كن واضحاً حول احتياجاتك: حدد ما تحتاجه بالضبط من العائلة - هل هو مجرد الفهم والتقبل، أم المساعدة في مهام محددة، أم الدعم العاطفي؟

  • ابدأ بعبارات تمهيدية: استخدم عبارات مثل "هل يمكن أن أتحدث معك حول شيء مهم بالنسبة لي؟" أو "أريد أن أتحدث معك حول شيء ما" أو "أحتاج إلى مساعدتك".

  • كن مستعداً لتكرار المحاولة: أحياناً لا تنجح المحادثة من المرة الأولى. قد يعني تكرار المحاولة التواصل مع نفس الشخص مرة أخرى، أو تجربة طريقة مختلفة، أو التحدث مع شخص آخر من العائلة.

  • استخدم التكنولوجيا عند الحاجة: في بعض الأحيان، قد يكون من الأسهل مشاركة المعلومات عبر رسالة إلكترونية أو مقال قرأته. لكن تذكر أن التواصل المباشر وجهاً لوجه غالباً ما يكون أكثر فعالية في المواضيع المهمة.

لا تتوقع أن يكون الوقت المثالي أو المكان الأفضل متاحاً دائماً. في النهاية، ما يهم هو فتح قنوات التواصل مع العائلة، حتى لو استغرق الأمر عدة محاولات للوصول إلى الفهم والدعم المطلوبين.

ماذا تقول؟: توصيل المعلومات بطريقة واضحة

بعد التحضير للمحادثة، يأتي السؤال الأهم: ماذا ستقول بالضبط؟ توصيل المعلومات بوضوح يمثل تحديًا، لكنه خطوة أساسية لتحقيق الفهم والدعم من العائلة.

شرح الحالة الصحية بلغة بسيطة

عند شرح مرضك المزمن لأفراد العائلة، ينبغي التركيز على البساطة والوضوح:

  • ترجم المصطلحات الطبية: حاول تبسيط المصطلحات المعقدة التي قد تكون سمعتها من الطبيب. افترض دائمًا أن أفراد عائلتك لا يعرفون المصطلحات الطبية، حتى تلك الشائعة نسبيًا، واشرح كل مصطلح تستخدمه بلغة يومية.

  • استخدم التشبيهات والأمثلة: وضح الحالة من خلال تشبيهها بأشياء مألوفة. مثلًا، يمكن تشبيه مرض المناعة الذاتية بجيش يهاجم مواطنيه بدلًا من الأعداء.

  • تجنب الإغراق بالمعلومات: قدم المعلومات على دفعات صغيرة. ثم اطلب من أفراد العائلة إعادة ما قلته للتأكد من فهمهم الصحيح للمعلومات.

  • ركز على الحقائق الأساسية: ابدأ بشرح أساسيات المرض: ما هو؟ كيف يؤثر على الجسم؟ هل هو قابل للعلاج أم للتحكم فقط؟ ما هي العلاجات المتاحة؟

عندما يفهم المريض بشكل كامل طبيعة مرضه وخيارات العلاج المتاحة، يصبح أكثر قدرة على توضيح ذلك لعائلته والحصول على الدعم المناسب.

مشاركة التحديات اليومية

فتح نافذة على تجربتك اليومية مع المرض يساعد العائلة على فهم واقعك بشكل أفضل:

  • كن صادقًا بشأن الأعراض: وضح كيف تؤثر الأعراض مثل الألم أو التعب على حياتك اليومية، لكن دون مبالغة أو تهويل.

  • اشرح تأثير المرض على مشاعرك: قد يؤدي التعامل مع حالة مزمنة إلى ضائقة عاطفية، تشمل الاكتئاب والقلق والإحباط ومشاعر العزلة. مشاركة هذه المشاعر مع العائلة تساعدهم على فهم احتياجاتك العاطفية.

  • تحدث عن التحديات الاجتماعية: غالبًا ما تتطلب الأمراض المزمنة تعديلات في نمط الحياة قد تؤدي إلى العزلة الاجتماعية أو صعوبة المشاركة في الأنشطة التي كنت تستمتع بها سابقًا. يمكنك شرح سبب اعتذارك أحيانًا عن المناسبات العائلية.

  • ناقش القيود العملية: وضح للعائلة متى تحتاج إلى راحة إضافية، أو المهام التي أصبحت تمثل تحديًا لك، أو الأوقات التي تتفاقم فيها أعراضك.

توضيح ما تحتاجه من دعم

أهم جزء في المحادثة هو تحديد كيف يمكن للعائلة مساعدتك:

  • حدد نوع الدعم المطلوب:

    • دعم عملي: مثل المساعدة في المهام المنزلية، مرافقتك للمواعيد الطبية، أو تذكيرك بأخذ الأدوية

    • دعم معلوماتي: مساعدتك في فهم المعلومات الطبية أو البحث عن موارد مفيدة

    • دعم عاطفي: الاستماع إليك، تفهم مشاعرك، أو مجرد وجودهم معك

  • كن محددًا في طلباتك: بدلًا من قول "أحتاج مساعدة"، حدد المهام الدقيقة مثل "أحتاج مساعدة في التسوق يوم الخميس" أو "أحتاج شخصًا للاستماع إلي عندما أشعر بالإحباط".

  • اقترح طرقًا للتواصل المستمر: يعد التواصل المنتظم مع مقدمي الرعاية الصحية والعائلة أمرًا حيويًا لمناقشة خيارات العلاج وإدارة الأعراض بشكل فعال.

  • اشرح فوائد بناء شبكة دعم: أخبر عائلتك أن بناء شبكة دعم أمر بالغ الأهمية لإدارة الأمراض المزمنة. يمكنك أيضًا اقتراح الانضمام إلى مجموعات الدعم التي تجمع بين الأشخاص الذين يعانون من نفس الحالة الصحية، حيث أن ذلك يساعد على تراجع الشعور بالوحدة والعزلة، وتخفيف الضيق النفسي.

تذكر أن التواصل الفعال هو أساس العلاقات العائلية القوية. عندما تستمع للآخرين وتتفهم مشاعرهم وتحترم استقلاليتهم، تبني الثقة وتشجع على التعاون في إدارة صحتك.

التعامل مع ردود الفعل المختلفة

عندما تشارك عائلتك معلومات عن مرضك المزمن، قد تواجه مجموعة متنوعة من ردود الفعل. فهم هذه الردود والتعامل معها بحكمة يعزز فرص بناء نظام دعم فعال.

تفهم الصدمة أو الإنكار

غالبًا ما تبدأ رحلة تقبل المرض المزمن بمرحلة الصدمة والإنكار. في هذه المرحلة:

  • قد يتصرف أفراد العائلة كما لو أن المرض سيختفي قريبًا، محاولين تجنب الاعتراف بوجود تغيير قد يؤثر على مجرى الحياة

  • هذا الإنكار هو آلية دفاع نفسية للحماية من الشعور بالخسارة والألم النفسي

من المهم عدم مواجهة هذا الإنكار بشكل مباشر في البداية. بدلًا من ذلك، تقبل وجهة نظرهم مؤقتًا ولا تبعد عنهم الأمل، حيث أن حتى الأطباء أنفسهم لا يعرفون دائمًا كيف سيتطور المرض.

الرد على الأسئلة الصعبة

بعد تجاوز مرحلة الصدمة، قد تأتي الأسئلة الصعبة التي تتطلب استراتيجيات للرد عليها:

  • كن صادقًا ولكن متفائلًا: لا تتردد في الاعتراف بعدم معرفتك لبعض الإجابات، مع التأكيد على أنكما ستتعلمان معًا.

  • استخدم عبارة "أنا أقدّر اهتمامك": عندما تتلقى نصائح غير مطلوبة، يمكن الرد بـ "شكرًا لك على المشاركة" بدلًا من رفضها، مما يؤدي إلى خلافات أقل.

  • تجنب المواجهة: عندما تشعر بالألم أو الإرهاق، من السهل فقدان الصبر وانتقاد الآخرين لعدم فهمهم. حاول التريث قبل الرد.

التعامل مع الخوف أو القلق

الخوف والقلق من ردود الفعل الطبيعية عند مواجهة تشخيص مرض مزمن، سواء للمريض أو العائلة. للتعامل معها:

  • اعترف بمشاعر القلق: عدم اليقين والخوف والإحباط المصاحب للأمراض المزمنة لا يؤثر على المرضى فحسب، بل يؤثر أيضًا على من يدعمونهم.

  • تقبّل عدم اليقين كتجربة مشتركة: ساعد عائلتك على فهم أن القلق جزء طبيعي من التعامل مع المرض المزمن، مما يعزز المرونة ويقوي الروابط العائلية.

  • تعلم تقنيات التكيف: شارك استراتيجيات مثل تمارين التنفس والاسترخاء، والاعتماد على الأدلة الطبية الموثوقة لتهدئة المخاوف.

متى تطلب مساعدة خارجية؟

في بعض الأحيان، قد تحتاج العائلة إلى دعم إضافي للتعامل مع تحديات المرض المزمن. يجب طلب المساعدة المتخصصة في الحالات التالية:

  • عندما تؤثر مشاعر القلق بشكل كبير على الحياة اليومية

  • إذا استمرت ردود الفعل القوية أو المشاعر السلبية لأكثر من ثلاثة إلى أربعة أسابيع

  • إذا لاحظت تغييرات في نمط العلاقات الأسرية لا تتحسن بمرور الوقت

  • عندما تصبح مشاكل النوم مستمرة أو تظهر كوابيس متكررة

يمكن أن تشمل مصادر الدعم الخارجية:

  • المنظمات المحلية ومجموعات الدعم عبر الإنترنت

  • الاستشارة أو العلاج المهني لمعالجة التحديات العاطفية وتطوير استراتيجيات للتكيف

  • العلاج الأسري الذي يمكن أن يساعد العائلات التي تشعر بالضغوط أو تتعامل مع تحولات كبيرة في الحياة

تذكر أن التواصل مع الآخرين الذين يشاركونك تجارب مماثلة يوفر الطمأنينة والتأكيد والنصائح العملية، مما يساعد الجميع على التكيف مع الوضع الجديد.

بناء دعم مستمر داخل العائلة

بناء نظام دعم عائلي مستدام يمثل ركيزة أساسية للتعايش الناجح مع المرض المزمن. بعد تجاوز مرحلة المصارحة الأولية، يأتي دور ترسيخ هذا الدعم وتحويله إلى نمط حياة يشارك فيه جميع أفراد الأسرة.

توزيع الأدوار والمسؤوليات

يؤثر المرض المزمن على عائلات بأكملها، مما يغير الأدوار والمسؤوليات والتفاعلات اليومية. لذا، من الضروري وضع توقعات واضحة والتواصل بصراحة مع أفراد الأسرة حول مسؤوليات الرعاية.

عند توزيع المسؤوليات، راعِ قدرات كل فرد ومهاراته. فقد يكون أحد الأفراد أكثر كفاءة في إدارة المواعيد الطبية، بينما يجيد آخر توفير الدعم العاطفي. من المهم أيضًا مراعاة:

  • التأكد من أن المريض يشارك في اتخاذ القرارات المتعلقة بصحته

  • تجنب إرهاق أي فرد من أفراد العائلة بمسؤوليات مفرطة

  • معالجة أي خلافات أو سوء فهم محتمل على الفور، والبحث عن توافق حول أفضل السبل لتقديم الدعم

تشجيع الحوار المفتوح

التواصل المنتظم مع مقدمي الرعاية الصحية وأفراد العائلة أمر حيوي لمناقشة خيارات العلاج وإدارة الأعراض بفاعلية. اجعل الحوار حول المرض جزءًا طبيعيًا من حياتكم اليومية، وليس موضوعًا محرمًا أو مصدرًا للتوتر.

فهم الحالة الصحية وخيارات العلاج يُمكّن المريض وعائلته من المشاركة بنشاط في رحلة الرعاية الصحية. ابقوا على اطلاع من خلال المصادر الموثوقة، واستشيروا المتخصصين، واطرحوا الأسئلة أثناء المواعيد الطبية.

تذكروا أن الضائقة العاطفية، بما فيها الاكتئاب والقلق والإحباط ومشاعر العزلة، قد تصاحب التعامل مع المرض المزمن. لذا، فإن خلق مساحة آمنة للتعبير عن هذه المشاعر بصدق يساعد في تخفيف حدتها.

الاستفادة من مجموعات الدعم العائلية

تجمع مجموعات الدعم بين الأشخاص الذين يعيشون تجارب متشابهة. يمكن أن تشمل هذه المجموعات المصابين بنفس المرض أو عائلاتهم، وتوفر:

  • مشاركة القصص الشخصية والمشاعر والمخاوف

  • تبادل أساليب التكيف والمعلومات المفيدة

  • تراجع الشعور بالوحدة أو العزلة

  • تخفيف الضيق النفسي أو الاكتئاب أو القلق

يمكن أن تُعقد مجموعات الدعم في شكل اجتماعات شخصية، أو مؤتمرات هاتفية، أو مجموعات عبر الإنترنت. ابحثوا عن مصادر وشبكات دعم تقدم مساعدةً وتوجيهًا إضافيين من خلال المنظمات المحلية، ومجموعات الدعم عبر الإنترنت، ومنظمات مناصرة المرضى.

من خلال العمل معًا كوحدة متماسكة، يمكن للعائلة تقديم دعم موحد وتقليل التوتر لجميع المعنيين. تذكروا دائمًا أن جوهر التعامل مع الأمراض المزمنة ليس فقط في العلاجات الطبية، ولكن أيضًا في قوة الروابط العائلية والدعم العاطفي المتبادل.

الخاتمة

في نهاية المطاف، التواصل الفعال مع العائلة حول المرض المزمن ليس مجرد محادثة واحدة، بل رحلة مستمرة من الصراحة والتفاهم المتبادل. عندما تشارك تفاصيل حالتك الصحية مع أقرب الناس إليك، فإنك تبني جسراً من الثقة يمكن أن يدعمك خلال التحديات التي تواجهها.

أولاً وقبل كل شيء، تذكر أن فهم طبيعة المرض المزمن وتأثيره على حياتك اليومية يشكل أساساً متيناً لأي حوار مع العائلة. ثانياً، اختيار التوقيت المناسب والتحضير الجيد للمحادثة يزيد من فرص نجاحها. أضف إلى ذلك أهمية توصيل المعلومات بلغة بسيطة وواضحة تجعل من السهل على أفراد العائلة فهم ما تمر به.

لا شك أن ردود فعل العائلة قد تختلف بين الصدمة والإنكار والخوف والقلق. بالتالي، التحلي بالصبر والتفهم أمر ضروري للتعامل مع هذه المشاعر المتباينة. فضلاً عن ذلك، بناء نظام دعم مستمر داخل العائلة من خلال توزيع الأدوار وتشجيع الحوار المفتوح يساهم بشكل كبير في تخفيف أعباء المرض.

بناءً على ما سبق، تصبح مواجهة المرض المزمن مسؤولية مشتركة وليست عبئاً يحمله شخص واحد. خلال هذه الرحلة، قد تحتاج أحياناً إلى طلب مساعدة خارجية من خلال مجموعات الدعم أو المتخصصين، وهذا أمر طبيعي ويدل على قوتك وليس ضعفك.

على الرغم من صعوبة التحدث عن الأمراض المزمنة، إلا أن المصارحة تفتح الباب لفهم أعمق وعلاقات أقوى. اجعل التواصل أولوية، وتذكر دائماً أن قوة الروابط العائلية غالباً ما تكون أقوى علاج يمكن أن تحصل عليه في رحلة التعايش مع المرض المزمن.

إرسال تعليق

يسعدنا ســماع رأيك ! شاركنا أفكارك وتعليقاتك حول الموضوع ، نحـــن هنا لنتبادل المعرفة معك .